تتسم اقتصادات القارة الآسيوية اليوم بتعداد السُكان الكبير وبالنمو المطرد والتطور المستمر، فضلاً عن تعدد ثقافات وديانات تلك القارة التي يتحدث قاطنوها أكثر من 1500 لغة مختلفة. هذا وتتباين الأسواق بشدة من دولة إلى أخرى، كما تؤدي التطورات الاقتصادية المتسارعة إلى تغيير احتياجات المستهلكين وأذواقهم وتفضيلاتهم.

هذا وباتت الكثير من المواهب البشرية ومراكز الأبحاث والتطوير المؤسسية تظهر في شتى أنحاء آسيا اليوم. غير أنه في خضم هذا النمو والتطور المطرد، يواجه المدراء تساؤلات استراتيجية حول هذه القارة، والتي بإمكان أبحاث السوق الإجابة عليها من أجل استيعاب أفضل لأكبر الأسواق في العالم.

تتكون آسيا وحدها من نحو 30% من مساحة الكرة الأرضية وهي موطن ما يقرب من 60% من إجمالي سُكان العالم، فضلاً عن كونها ثاني أكبر قارة بحسب إجمالي الناتج المحلي وتتكون من 48 دولة مختلفة. هذا وتكمن 5 من أكثر 10 دول ازدحاماً بالسُكان في آسيا هي: الصين والهند وباكستان وبنجلاديش واليابان.

توجه آخر كبير في هذه الأسواق هو الزيادة المطردة في عدد المراكز المدنية، إذ تقع 8 من أصل 10 من المدن الأكثر اكتظاظاً بالسُكان في العالم في قارة آسيا. وتمتلك القارة مخزوناً وفيراً من الأفراد الماهرين والمتعلمين، حتى أن دولها تمر بفترة من هجرة العقول في السنوات الأخيرة إلى كل من أوروبا وأمريكا.

تحتل آسيا المركز الأول من بين القارات من حيث التنوع والتعددية، إذ أن جميع بلدانها تقريباً تمتلك أعراقاً وثقافات وديانات واقتصادات وخلفيات سياسية وأنظمة حكومية مختلفة. كما أن بعض الدول الآسيوية باتت تُصنف بكونها من الدول المتطورة، بينما بعضها الآخر لايزال في مرحلة التحول.

أما أكثر الدول الآسيوية تطوراً فهي اليابان وكوريا الجنوبية وبروناي وسنغافورة، تليها الصين والهند باعتبارهما بصدد الانضمام إلى مصاف الدول المتقدمة خلال السنوات القليلة المقبلة. أما باكستان وإندونيسيا وماليزيا وسريلانكا وتايلاند فلاتزال في مراحل التطور السريع. وتُشكل تلك الدول جميعها بمستويات التطور المتباينة تحدياً للمسوقين في إيجاد الفرص المناسبة لطرح منتجاتهم.

ويستوجب على الشركات الراغبة في دخول الأسواق الآسيوية تفهم واستيعاب الفروق الكثيرة التي تسود تلك الأسواق، والتي من أهمها الديناميكيات الثقافية والدينية لتلك البلدان. تجدر الإشارة هنا إلى أن آسيا تُعد من أكثر القارات تديناً والتزاماً بالتقاليد، حيث تضم الديانات الموجودة بالقارة كلاً من الإسلام والهندوسية والمسيحية واليهودية وديانة السيخ والبوذية والكونفوشية وغيرها.

كما تتباين ثقافة البلدان الآسيوية كثيراً، حتى بين الدول التي تتبع ديانات مماثلة، إذ أن البلدان الجنوبية أكثر التزاماً بالتقاليد والثقافة والتعاليم الدينية، فضلاً عن تباين قوانين عمل الشركات والأعراف هناك تبايناً ملحوظاً.

وتُعد ميانمار من الأسواق الأكثر حداثة في آسيا اليوم، بالرغم من افتقارها إلى البنية التحتية الرئيسية. إلا أنها تُبدي نمواً في مجالات التشييد والبناء وإنتاج السلع الاستهلاكية.

وأخيراً، فمما لا شك فيه أن الاقتصادات مطردة التغير في آسيا تلعب دوراً في تشكيل الأذواق والرغبات والعادات الشرائية، ويُمكن لأبحاث السوق أن تقدم نظرة ثاقبة على العديد من المجالات مثل الاحتياجات غير المستوفاة ورضاء العملاء وديناميكيات التنافس والأفكار الخلاقة وغيرها الكثير.