تُصنف شركات الطيران منخفضة التكلفة بكونها تلك الشركات أو الطائرات التي تقدم أسعاراً مخفضة مقابل خدمات أقل للمسافرين. وقد بدأت هذه الفكرة في عقد السبعينيات بواسطة شركة الطيران الأمريكية ساوثويست كطريقة لتوفير أسعار زهيدة للمسافرين، ثم ما لبثت أن حذت حذوها العديد من الشركات، بما فيها الشركات الكبرى التي قامت بتدشين شركات صغيرة لإتاحة أسعار منخفضة في سبيل استعادة الزبائن المفقودين.

وقد أثرت الشركات منخفضة التكلفة تأثيراً ملحوظاً على صناعة الطيران، حيث أجبرت الشركات التقليدية الأخرى على تقليص عدد رحلاتها وإغلاق بعض مقارها وحتى التخلي عن رحلات إلى مدن بعينها. ومع ارتفاع أسعار الوقود وتباطؤ الاقتصاد العالمي خلال السنوات القليلة الماضية، باتت شركات الطيران الاقتصادية هي الوحيدة التي تجني الأرباح أو تُمدد رحلاتها. وقد نما هذا القطاع بالأخص في كل من آسيا والشرق الأوسط بشكلٍ ملحوظ على مدى العقد المنصرم ومن المتوقع أن يستمر ذلك التوجه بقوة. وبحسب منظمة OAG لمعلومات الطيران، فقد نمت شركات الطيران الاقتصادي في الشرق الأوسط بمعدل سنوي بلغ 52% خلال العقد الأخير، بينما نمت الشركات التقليدية بواقع 7% فقط سنوياً في المتوسط.

أما الفضل في نجاح شركات الطيران الاقتصادي فيرجع إلى نموذج الأعمال المتبع من قبلها والذي أظهر أن التكلفة لا تساوي السعر، حيث ضم نموذج ساوثويست الأصلي التعرفة المنخفضة والمسارات المتكررة واستخدام المطارات الثانوية والاستعانة بنفس طراز طائرات الأسطول. ولا زالت الشركات الاقتصادية الحديثة تتبع نفس المبادئ والقواعد التي أرستها شركة ساوثويست، ولكن بسبب زيادة هذا النوع من الشركات المتنافسة بالسوق، فقد ظهرت اختلافات في كيفية تطبيق كل شركة لتلك القواعد. أما شركات الطيران الاقتصادية الأمريكية فتقدم برامج المسافر المتكرر، بالإضافة إلى عدد آخر من المميزات التي كانت حكراً فقط على شركات الطيران الكبرى مثل المشروبات المجانية وأنظمة الفئات المختلفة. أما في أوروبا، فتتبع الشركات مثل إيزي جيت ورايان إير عادةً نفس النموذج التقليدي، بخلاف عملهما بين المطارات الكبرى مثل باريس شارل ديغول ودبلن ومانشيستر، بدلاً من العمل بين المطارات الثانوية.

الأزمة الاقتصادية العالمية وتأثيرها على صناعة الطيران

أجبرت الأزمة الاقتصادية الدولية المزيد من الزبائن على التخلي عن الامتيازات المقدمة بواسطة شركات الطيران بهدف توفير الأموال. وبينما تكمن الميزة الأساسية لشركات الطيران الاقتصادي في تعرفتها المنخفضة، إلا أنها ليست الميزة الوحيدة. فبالنسبة إلى المسافرين المتكررين، أكبر عوامل الجذب تتمثل في توافر الرحلات على متن طائرات تلك الشركات، في ظل تراجع عمليات الشركات الكبرى وتحديدها للخيارات المتاحة في جداول رحلاتها.

يطرح بزوغ شركات الطيران الاقتصادي تساؤلاً حول مستقبل الشركات الكبرى التي تتعرض باستمرار إلى ضغوط بسبب ارتفاع تكاليفها الثابتة والتموضع المناسب في السوق بالنسبة إلى المستهلكين. فقد باتت الشركات الاقتصادية أكثر تركيزاً على الجدوى الاقتصادية وعلى قطاع محدد من المسافرين وعلى الاستثمار في تدريب وتأهيل الموظفين. ومن ثمة، يضع الوضع التنافسي السائد اليوم الشركات الكبرى المرموقة في تنافس محتدم مع شركات الطيران الاقتصادي.