مُترجم من مجلة Alert بتاريخ أكتوبر 2012

بالنسبة إلى عملاء الأبحاث، فإن شباب هذا الجيل بإمكانهم التأثير كثيراً على نجاح وقوة أي علامة تجارية، حيث أنه في غضون ثوانٍ معدودة، يُمكن لهؤلاء الشباب تبادل الآراء حول العالم، وخاصةً فيما يتعلق بالعلامات التجارية التي لا يستحسنونها. ومع تقدم سُكان أوروبا واليابان والولايات المتحدة في السن، تبحث الشركات عن التسويق إلى قطاعات مربحة ذات دخل متاح، وحتى توظيف أبناء الجيل Y في شركاتهم.

من هو الجيل Y؟

يُمثل هذا الجيل الشباب ممن ولدوا بعد عام 1980 وحتى أوائل التسعينيات، والذين يتميزون عن غيرهم من الأجيال بالاستقلالية والاستهلاك والمعرفة التكنولوجية.

هذا ولا تزال الكثير من الأسئلة تُطرح حول العالم من أجل التعرف عن كثب على أبناء هذا الجيل.

وبرغم الفروقات الموجودة في هذا الجيل عبر سبع قارات، إلا أننا نجد أيضاً مجموعة من التشابهات مثل اجتماعهم على خشية فقدان الحياة المُيسرة والعوامل “التي تكبح جماحهم”. ففي الأسواق النامية على سبيل المثال، يتخوف الشباب من البطالة والتضخم والتنافس على الوظائف، بينما يتمحور قلق الشباب في الولايات المتحدة واليابان وأوروبا حول الديون والبطالة ونفقات التعليم. وفي الشرق الأوسط يهاب الشباب هناك من الأنظمة القمعية التي قد تؤثر على رفاهية حياتهم. وغالباً ما يُنفس الشباب عن ذلك من خلال الاحتجاجات عبر الإنترنت وكذلك على الأرض.

وقد أظهرت دراسة حديثة تمت بواسطة Kenexa على 28 من أكبر اقتصادات العالم أن ما يدفع الشباب هو الوضع الاجتماعي، على عكس آبائهم المُحفزون بواسطة القوة والتفاؤل.

أما في استبيان تم عام 2010 من قبل مارتن ليندستروم مؤلف “علم الشراء” و”غسيل المخ” و SIS العالمية للأبحاث، فإن الشباب أبدوا تأثرهم بالوضع الاجتماعي وبديناميكيات العلاقة مع أقرانهم وتجربتهم الشرائية وأيضاً الآراء الشفهية.

يُصادف ذلك التوجه الإقبال المرتفع على قنوات التواصل الاجتماعي من قبل هذا الجيل، حيث يقضي الشباب وقتهم في إضافة “الأصدقاء” و”إلغاء الأصدقاء” و”الإعجاب” بما يرد على هذه القنوات. وقد تم تصوير مارك زوكربيرغ الذي يُعد أيقونة الأعمال بالنسبة إلى أبناء الجيل Y من خلال فيلم “شبكة التواصل الاجتماعي” على أنه يتوق إلى مشاركة زملائه وحياز قبولهم في جامعة هارفارد. ولعل نجاح فيسبوك الهائل يكمن في رغبات الشباب المُتجذرة في الانضمام إلى المجموعة.

وبسبب مرورهم بحقبة الكساد الاقتصادي، فقد طور الشباب أساليب من شأنها مساعدتهم على تحييد الضغوط الاقتصادية غير المرغوبة.

هذا ويأخذ المستهلك المنتمي للجيل Y جميع العوامل التالية بعين الاعتبار:

  • ·        السعر المنافس بسبب الحقائق الاقتصادية
  • ·        الجودة العالمية أو العلامة التجارية القوية
  • ·        تجربة عملاء ممتعة وجذابة

وتعتمد العلامات ذات الشعبية مثل إيكيا وأبل على مزيج تسويقي يستند إلى المنتجات معقولة السعر، والتي تتمتع بالجودة العالية وبإضفاء تجربة تسوق متميزة.

أعلنت أبل في نهاية عام 2010 عن مضاعفة عوائدها السنوية بواقع 4 أضعاف في الصين بفضل أجهزة iPhone و iPad إلى حدٍ كبير، حيث عاد فضل الجزء الأكبر من هذا النجاح إلى شباب الصين وطلبهم المطرد على منتجات العلامات التجارية الخارجية التي طالما عُرفت بكونها أفضل جودة.

هذا ويدعم أنجح رجال أعمال الجيل الجديد هذه القيم في شركاتهم، مثل اعتماد الفيسبوك على تنافسية أسعار المنتج مع التركيز على الجودة والتجربة المتميزة.

وبسبب الظروف الاقتصادية الجديدة، يبحث أبناء الجيل Y عن الصفقات ذات الجودة العالية ويقارنون الأسعار عبر الإنترنت ويتسوقون إلكترونياً ويفحصون مواقع مثل Groupon و Facebook Deals و Living Social و Yelp أثناء ذلك. كما أنهم يحصلون على جودة ترفيهية مرتفعة بأسعار معقولة لدى Hulu و Netflix و iTunes. كما أن FourSquare قد ضمت هذا المفهوم إلى عملها، إذ أنها تُمكن المستخدم من “الدخول” إلى مواقع وأماكن و”الفوز” بشارات يعرضونها على صفحتهم الرئيسية. ومن ثمة، تستطيع تلك الشركات جميعها التأثير على الآراء المتبادلة والتعليقات ومقاطع الفيديو عبر الإنترنت.  

ونظراً لاتسام هذا الجيل الجديد بالروح الخلاقة والمهارات التقنية والرقمية، فإنه حاز اهتمام مدراء الموارد البشرية والتسويق على حدٍ سواء، ذلك لأن لديه قوة كامنة لا يُمكن الاستهانة بها من حيث المساهمة في إبداع وابتكار المنتجات الجديدة. وبالتالي، أضحى تطوير برنامج توظيف رصين وتخطيط وتدريب فائق وإجراءات تسوية النزاعات من أهم أولويات الكثير من الشركات.

وللتدليل على ذلك، هدفت شركة ستاندرد شارترد سنغافورة على جذب أبناء الجيل Y بتبني عادات رقمية، مثل تزويد موظفيها بأجهزة iPad.

إلا أن هذا الجيل ليس ذي بنية متجانسة.

فقد أضحت عاداته الإلكترونية متنوعة ومتعددة. وبحسب دراسة أجرتها جارتنر، أعرب 1 من كل 4 مستجيبين أمريكيين من الجيل Y عن ضجرهم من مواقع التواصل الاجتماعي، بينما أفصحت نسبة أكبر بقليل عن استخدامها تلك المواقع أكثر من ذي قبل.

ومع استمرار الثورة الرقمية، قد توفر نقاط الاتصال الجديدة بالزبائن طرقاً عدة للوصول إلى قطاعات جديدة. فحيثما كانت الأجيال السابقة على تواصل مع الماركات التجارية عبر المحال والمتاجر وخدمة العملاء الهاتفية، أدت نقاط التواصل الجديدة مثل الهواتف المتنقلة والأجهزة المتنقلة والتطبيقات إلى تنوع سلوك الشراء. ومما لا شك فيه وجود حاجة مُلحة اليوم لفهم واستيعاب هذا الجيل الجديد، لا سيما مع تبنيه التقنيات الجديدة.

وعلى الرغم من العولمة الاقتصادية، إلا أن أبناء هذا الجيل يختلفون ثقافياً من دولة إلى أخرى. فعلى سبيل المثال، يدخل الشباب الصينيون على شبكة الإنترنت ضعف مرات دخول أقرانهم في الولايات المتحدة وأوروبا. كما تتمتع المغنية ليدي غاغا بعدد أقل من المتابعين في الصين وكوريا عما يحظى به المغنيون المحليون. كما قد تؤثر ديناميكات النوع على قرار الشراء في بعض البلدان، على عكس غيرها، شأنها شأن الثقافات الفرعية.

كما أن التمثيل الاجتماعي للجيل Y يتباين بشكلٍ ملحوظ، ففي أمريكا الشمالية وأوروبا واليابان والصين يشرع الشباب فعلياً في رعاية آبائهم مع تقدمهم في السن. على العكس من ذلك، فإن الشباب في أمريكا الجنوبية والشرق الأوسط يثيرون تساؤل الباحثين عن كيفية تأثير المجتمعات ذات الأغلبية الشابة على الشركات والمجتمعات.

البحث في الجيل Y

يتجمع الشباب بأعداد كبيرة على قنوات التواصل الاجتماعي، ولكن يتطلب وجود صورة شاملة من أجل تحديد الفروق البسيطة بالقطاعات. ويُمكن استخدام الأساليب المختلطة في أبحاث الأجيال لوضع عامل الثقافة والسلوك والآراء في السياق المناسب. وقد شملت بعض أبحاثي المتعلقة بشباب الصين البحث في سلوكيات الشراء لدى هؤلاء الشباب في دولة تُعرف بأسعارها المتميزة، حيث تطلبت تلك الأبحاث توظيف مجموعة من الأساليب مثل المقابلات المتعمقة والدراسة الإثنوغرافية ومجموعات العمل والاستبيانات والأبحاث الكَمية والمصادر الثانوية والأبحاث الثقافية.

وبحسب البحث، فقد ساهمت عدة اعتبارات معقدة في التأثير على سلوك الشراء، ليس من ضمنها اعتبارات السعر أو الجودة. وقد أظهر بعض المستجيبين استهلاكاً لافتاً وإنفاقاً يفوق قدراتهم، الأمر الذي كان غير متوقع بسبب مستويات الدخل والتضخم ومخاوف متعلقة بالبطالة.

كما كشفت الأبحاث الإثنوغرافية والثقافية أن الشباب متوسط الدخل يشتري أحياناً منتجات العلامات التجارية الباهظة كوسيلة للتعبير عن الوضع الاجتماعي في مجتمع يهتم بالتدرج الهرمي وبشبكة العلاقات. وقد كان هذا مثار استغراب للبعض، حيث أن الصين هي دولة شيوعية بقيم كونفوشية تحض على الزهد والتوفير.

وقد تقدم أبحاث “مواقع المستجيبين” – التي يُجري فيها الباحثون الدراسات الإثنوغرافية في الأماكن المفضلة للمستجيبين مثل ساحات التزلج أو الحانات – نظرة فاحصة على الواقع. كما أن بعض الباحثين شرع في استخدام أسلوب الرصد والتتبع والآراء الشفهية في محاولة فهم كيفية تأثير التفاعلات الشخصية على سلوك الشراء. هذا بجانب اكتساب دراسة علم الإشارات والسلوك النفسي والممارسات التجريبية أهمية متزايدة في مجال أبحاث ما بين الأجيال.

الخلاصة

يؤثر الجيل Y على الصعيد العالمي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وكذلك على تخصصات التسويق والأبحاث، ولذلك فإن فهمه قد يُمثل الفرق بين نجاح أو فشل المنتجات والعلامات التجارية. ومن ثمة، قد يكون من الضروري استخدام الوسائل والبرامج المختلطة من أجل إلقاء نظرة فاحصة على هذا الجيل وإشراكه حول العالم.

مايكل ستانات هو باحث متخصص في مجال الشباب حول العالم ومحاضر في شئون الجيل Y. ألف كتاب “الجيل Y في الصين: فهم رواد المستقبل للقوة العالمية الجديدة بالعالم”. يعمل ستانات كباحث تنفيذي في الأسواق العالمية الواعدة لدى SIS العالمية للأبحاث وسبق له العمل في شركات أبحاث في الصين والشرق الأوسط.